[center]شرح قوله تعالى " لاخير في كثير من نجواهم : للعلامة السعدي
إِنَّ الحَمْدَ للهِ ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ
أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ
فَلاَ هَادِيَ لهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ- .
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
" لاخير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف
او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما ".
قال الشيخ : عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
أي: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا
لم يكن فيه خير ، فإما فائدة فيه كفضول الكلام المباح وإما
شر ومضرة محضة ، كالكلام المحرم بجميع أنواعه .
ثم استثنى تعالى : "الامن امر بصدقة " من مال او علم ،
او أي : نفع كان ، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة ، كالتسبيح
والتحميد ، ونحوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " ان
بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ،
أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر ، وفي بضع احدكم صدقة " الحديث .
"او معروف " هو الإحسان والطاعة ، وكل ما عرف في
الشرع حسنه ، وإذا أطلق الأمر بالمعروف من غير أن يقرن
بالنهي عن المنكر دخل فيه النهي عن المنكر ، ذلك لان ترك
المنهيات من المعروف ، وأيضا لا يتم فعل الخير إلا بترك الشر .
أما عند الاقتران ، فيفسر المعروف بفعل المأمور ، والمنكر بترك النهي .
" او إصلاح بين الناس " والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين
متخاصمين ، والنزاع والخصام والتغاضب ، يوجب من الشر
والفرقة ما لايمكن حصره ، فذلك حث الشارع على الاصلاح بين
الناس في الدماء والأموال والأعراض ، بل وفي الاديان،
كما قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا"
وقال تعالى :" وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا
بينهما ، فان بغت احداهما على فقاتلوا التى تبغى حتى تفيء الى امر الله "الاية .
وقال تعالى : " والصلح الخير " والساعي في الإصلاح بين
الناس افضل من القانت بالصلاة ،والصيام والصدقة ، والمصلح
لابد ان يصلح الله سعيه و عمله .
كما ان الساعي في الافساد لايصلح الله عمله ، ولايتم له مقصوده
كما قال تعالى " ان الله لايصلح عمل المفسدين " . فهذه الاشياء
حيثما فعلت فهي خير ، كما دل على ذلك الاستثناء.
ولكن كمال الأجر وتمامه بحسب النية و الإخلاص ، ولهذا قال :"
ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف يؤتيه أجرا عظيما" فلهذا
يبتغى للعبد ان يقصد وجه الله تعالى ويخلص العمل لله في كل
وقت، وفي كل جزء من اجزاء الخير ،ليحصل له بذلك الأجر
العظيم ، وليتعود الاخلاص ، فيكون من المخلصين ، وليتم له
الأجر ، سواء تم مقصوده أم لا ، لان النية حصلت ، واقترن بها ما يمكن من العمل .
والله أعلم
[/center]