من اجمل ماحفظ التاريخ من قصة قصيدة :
ذات يوم طلب سيف الدوله ان يكتب المتنبي فيه قصيده يمدحه فيها
فكتب قصيدته ابو الطيب وانشد يقول (( من الورقه )) :
وبدأ ينشد :
واحر قلبــــــــاه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم
مالي اكتم حبا قد برى جسدي وتدعي حب سيف الدوله الامم
وكان ابو فراس موجود وكان كلما قال المتنبي بيتا قال هذا بيت قديم قد قاله شاعر قبلك
والمتنبي ما يرد عليه ويكمل قصيده ولكن غضبه يزداد شيئا فشيئا
الى ان وصل الى البيت الذي يقول
يا اعدل الناس الا في معاملتي فيك الخصام وانت الخصم والحكم
اعيذها نظرات منك صادقه انت تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع اخي الدنيا بناظره اذا استوت عنده الانوار والظلم
فقال ابو فراس هذا بيت قاله شعر قبله ويتكلم ابو فراس بصوت عالي حتى يسمع سيف الدوله
فغضب ابو الطيب غضبا شديدا ووقف ورمى الورقه وانشد ارتجالا (( من عقله ))
واكمل قصيدته من عقله بدون ورقه واقفا وهي اول مره يقول فيها شعره وهو واقفا
وبدأ يقول :
وسيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بانني خير من تسعى به قدم
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي واسمعت كلماتي من به صمم
انام ملء حفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده جهله في ضحكي حتى اتته يد فراسه وفم
اذا رأيت نيوب الليث بارزه فلا تظنن ان الليث يبتسم
ومهجة مهجتي من هم صاحبها ادركتها بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد وفعله ما تريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفلين به حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
صحبت في البيداء الوحش منفردا حتى تعجب مني القور والاكم
فذهل ابو فراس الحمداني وفغر فاه ولم يعرف ماذا يقول ولكن كان سيف الدوله في تلك اللحظه مكوي بالنار حيث ان القصيده
كانت يجب ان تكون في مدحه امام وزراه الدوله وليست لمدح ابو الطيب لنفسه امام الملك فغضب سيف الدوله وامسك بالمحبره
ورماها في رأس ابو الطيب فاصابه بها في جبينه فاصبح وجهه يدمي ولكنه لم يسكت
بل اكمل قصيدته ارتجالا والجميع فاغر فاه وهو يقول :
يامن يعز علينا ان نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم
ماكان اخلقنا منكم بتكرمه لو ان امكم من امرنا امم
ان كان سركم ماقال حاسدنا فما لجرح اذا ارضاكم الم
وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة ان المعارف في اهل النهى ذمم
ووجه نظرته الى ابو فراس الذي اصبح يلمم اثوابه ولا يعرف اين ينظر وقال فيه :
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم ويكره الله ما تأتون والكرم
ما ابعد العيب والنقصان عن شرفي انا الثريا وذان الشيب والهرم
ليت الغمام الذي عندي صواعقه يزيلهن الى من عنده الديم
واعاد بنظرته الى الحاضرين جميعهم وبدأ يقول الحكم البليغه التي لن ينطق بها شاعر بعده وما نطق بها شاعر قبله :
لئن تركت ضميرا عن ميامننا ليحدثن لمن ودعتهم ندم
اذا ارتحلت عن قوم وقد قدروا ان لا تفارقهم فالراحلون هم
شر البلاد بلاد لا صديق به وشر ما يكسب الانسان ما يصم
وشر ما قنصته راحتي قنص شهب البزاه سواؤ فيه والرخم
والقى نظره على ابو فراس وعلى سيف الدولة وقال :
بأي لفظ تقول فيه الشعر زعنفة تجوز عندك لا عرب ولا عجم
هنا اصبح وجه ابو فراس لا فرق بينه وبين الارض
ثم توجه المتنبي بنظره الى سيف الدوله وقال :
هذا عتابك الا انه مقة قد ضمن الدر ... الا انه كلم