بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
أخي الكريم: تذكر أن الآخرة مقبلة، وأن الدنيا مدبرة، وأن الموت حقيقة لا محيد لك عنها، وشراب لا بد لك أن تشربه، وباب لا أبالك أن تلجه. فهل أعددت للقبر عدته؟ وللسؤال جوابه؟ !!
فلا أحد يجهل حقيقة الموت، ولا أحد يجادل في وقوعه وحصوله، ولكن أين من يصدق علمه عمله؟ ومقاله فعاله؟ !! ولذلك قيل: ما رؤي شيء يقين أشبه بالشك من الموت!!
فالموت يأتي بجهازه على الصغير والكبير، والرفيع والوضيع، والغبي والذكي والأبله والداهية، والمعسر والموسر، والملك والمملوك.
قال تعالى: }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ{.
وقال سبحانه: }كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{ فالعاقل من يفكر في المآل، ويدع ما يكون مصيره إلى زوال، ويشغل النفس بالبر والتقوى وما فيه خير الآخرة والعقبة.
والهالك، من أتبع نفسه هواها، وضيع أيامه في شهوات وملذات، وولج أبواب المعاصي والسيئات، وباع خسيسًا بنفيس.
يا نفس ويحك! للمتاب فبادري
من قبل أن تأتي الذنوب مسطره
يا نفس جدي في التقى وتزودي
أولاً: لحظات المحتضرين
أخي الكريم: هل فكرت في يوم من الأيام كيف ستكون خاتمتك؟ هل خلوت بنفسك يومًا وسألتها: كيف قد تكونين يا نفسي ساعة الاحتضار؟ كيف سيكون حالك والناس مجتمعون حولك يبكون، ويتأسفون ولا أحد منهم يجد لك حيلة أو شفاء؟ كيف سيكون جوابك إن لقنك الحاضرون «لا إله إلا الله»؟ هل ستقولينها أم ينقبض اللسان؟ هل ستقبلينها أم تردينها فيختم لك بالكفر؟ فلربما كانت تلك الأسئلة من دواعي يقظتك، ومن موجبات زوال غفلتك، وانقطاعك عن اللهو واللعب، وتناسي لحظات الاحتضار العصبية، وثواني الفراق الأليمة، حيث سكرات الموت وخروج الروح وانتهاء العمر والأجل.
أخي: هب أنك قد ملكت الأرض طُرًا
ودان لك البلاد فكان ماذا
أليس غدًا مصيرك جوف قبر
ويحثو الترب هذا ثم هذا
فتفكر يا عبد الله، فإنما هي أيام ولحظات وساعات معدودات، ويأتي داعي الموت، فلا هروب ولا محيد. وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ